الخميس، 15 يوليو 2010

حمارُ جارنا


لدي إستفسار
رغم أن كل شيء واضح وضوح النهار
هل سيبقى الحمار حمار ؟؟؟
اذكر في الماضي جاراً لنا يسكن آخر الشارع
يملك مزرعة تحتوي الكثير من الحيوانات
و كان يملك عربة تعمل على البدالات
في تلك المزرعة تعيش عائلة من الحمير
أطفال و ذكوراً و زوجات
يبادل الزوج زوجته الحب قليلاً و يعمل بكثير من الساعات
كان حمار جارنا لو ترك لوحده لا يعرف ماذا يفعل
و كأنه ليس من المسموح له بأن يفكر أو أن يصدر قرارات
و يدرك في نفسه انه مخلوق لينفذ تلك الأوامر
و يسمع الشتائم و أقسى العبارات
يمشي في نفس الطريق ذهاباً و إياباً في اليوم مرات و مرات
يأكل رغم عنه من بقايا الأطعمة و من تلك الشجيرات
تائه الخطى مترنح الرأس و كثير التعب و الحسرات
حمار جارنا فكر …
حمار جارنا أراد لشيء في حياته أن يتغير
فكر و فكر و فكر .. و أخيراً وصل لنهاية التفكير
وصل لقناعة أنه سيكون ملك نفسه و ليس لجارنا أسير
يستغني عن زوجة يضاجعها
يبدأ التفكير و القرار من هذه اللحظة و يرضى بأي مصير
بعيداُ عن أي أوامر عن شتائم عن أي تسيير
حمار جارنا خرج من تلك المزرعة مسرعاً
حمار جارنا خرج ليس عائداً بل مودعاً
ترك كل شيء خلفه دون أن يدرك بأن خروجه لا يهم جارنا كثيراً
بقدر أن يكون لأهله مفجعاً
أنطلق بعيداً حاسباً نفسه كلما ابتعد أكثر أقترب من الحرية مسرعاً
حمار جارنا تعب ….
حمار جارنا فكر في الخطوة الأولى و نسي بأن حياته ليست مجرد خطوة
نسي بأنه سيقضي باقي الأيام وحيداً دون صحبة
فكر و قال في نفسه لن أندم على ما فعلت فأنا فرح بتلك الجرأة
سأكمل حياتي وحيداً و سأسعى لأجعل من نفسي موضع قرار و سلطة
بدأ يقرأ في الجرائد بتفصيلاتها ورقة تلو الورقة
يتابع أخبار العالم خلسة
مرة من تلفاز فلان و مرة من مذياع فلان
و مرة يراها في أحداث مصورة
و قد سمع بما جرى في تلك المزرعة
جارنا باع أرضه بما فيها و تلك الحيوانات على وضعها الجديد صارت مجبرة
بدأ يقرأ يومياً بما يجري من أحداث في تلك المزرعة
و يتابع أخبارها رغم أن بعض الأخبار تصل إليه مقنعة
فأخبارهم لا تسر الصديق أو الغريب و حياتهم بالهم مفعمة
ناشد الحمار حميراً تعرف عليهم في غربته ليخرجوا أهله مما هم فيه و يحلوا تلك المسألة
في الوهلة الأولى بدا بأن الحل سهل لتلك المشكلة
لم يخطر في باله أن الحمير معه سيخلقون من تلك الأزمة ألف أزمة
فمنهم أراد التحكم بالباقين و منهم من لا تهمه أراء غيره
و منهم لم يعد يسجل له حضور إجتماعات مقررة و غير مقررة
و في النهاية يخرجون ب قرارات لا يفعلونها مجرد حبر على ورقة
حمار جارنا و العام بعد الستين قد حان
و الحال كما هو لحد الآن
يشجبون يستنكرون و يدينون و ما بقي سوى أمران
أما السكوت و أما قبول رحمة ذاك السجان
سأل الحمار نفسه ما أفعل في هذا المكان
فقد إنتهى عهد الخلان
و أختفت تلك القرارات كما يختفي الدخان
الحمار فكر
الحمار قرر
من بعد أن رأى بأن الوضع قد تدمر
حمار جارنا تراجع عن الفرار
قرر العودة حيث كان رغم أن كل شيء كان قد إنتهى و طار
عاد لما كان عليه بل لأسوء مما كان عليه
حمار جارنا حمار بمعنى حمار
فقد تراجع عن تفكيره و تراجع عن القرار
هنيئاً لك أيها الحمار تلك العبارات و الشتائم
و هنيئاً لذلك المتجبر السلطان و القرار و تلك الدار

ليست هناك تعليقات: