الخميس، 15 يوليو 2010

أنظر أمامك غزة



قف … و قولي ما الذي ترى أمامك ؟؟؟
أترى تلك المدينة التي كانت في يوم من الأيام مكانك
أترى جرس كنيسة كان يقرع
أو مأذنة جامع لم تعد تسمع منها آذان صلاتك
سترى تاجراً يساوم آخر على سعر بضاعة
طفل قد نام بعدما أخذ نصيبه من الرضاعة
شاب يهرب من مدرسته لأجل فتاة أغرم فيها و لأجل مجموعة من الشباب قد تعلم منهم أساليب الصياعة
أرملة ما همها إلا تربية أطفالها تعلمهم بأن الحياة مجرد قناعة
فتاة تحلم بفتى أحلامها يقول لها أحبك تسلم نفسها له و تقول السمع و الطاعة
و صغير لا يعرف شيئاً في حياته سوى أن يصنع من الصابون فقاعة
أنظر أمامك
ستجد عالم كبير يبدأ بالألف و ينتهي بالياء
عالم من المحيط إلى الخليج
عالم لو قلت مديحاً فيه أو هجاء ما سمعت رداً و كأنه قد خلى من الأحياء
عالم كل من فيه غدى مثل المومياء
عالم مات الضمير فيه و أنتهى بأغلب من فيه الحياء
أنظر أمامك و استمع قليلاً
ستسمع أصوات أناس يغنون أناس يعشقون أناس يحتفلون و يلهون
و تسمع أصوات أناس تفجرت أجسادهم أشلاء تحت ركام بيوتهم الآن يسكنون
فتلك بلاد دمرت عن بكرة أبيها و لو سألتهم ما الذي تفعلون
حرب على الإرهاب حجتهم و هم من أفشى الإرهاب بيننا و هم من له صانعون
عجباً لأغراب بأسم السلام أغتالوا بلادك
أصبحت أنت الغريب و قد أصبحوا أسيادك
أنظر أمامك
سترى شاباً سافر منذ زمن ليؤمن مستقبله
ليضع حداً لفقر أهله
ليساعد والده الذي أنهى عمره و علمه
ذاك الشاب لو سئل عن بلاده كأنك سألته عن مفاعل كيماوي
أو عن معادلة رياضية صعبة و تندم بأنك تسأله
عندما تكلمه حديث لسانه عن بلاد الغربة عما فعل و رأى و سمع
عن ليل عاشه وحيداً و أوجعه
كلما كلمناه عن بلادنا يقول مالي و مالها لم تصنع لي ما أصنعه
يا أبن الناس أهذا ما تعلمت في تلك البلاد تنظر إليه و كأنه فقد مسمعه
حلال للأغراب ما يصنعوا فينا
و العجب كل العجب فيما نقوله و نفعله
أنظر أمامك
فلن ترى الأمام بعد اليوم
فأنت مثل غيرك ألهاك متاع الدنيا و أحببت كثرة النوم
فالتاجر دكانه قد دمر
و الطفل لم يبقى منه سوى فتات
الشاب لم يعد يرى فتاته بعد اليوم
و الأرملة فقدت كل أطفالها باتت تدعو ربها و نذرت على نفسها الصوم
لعبة الصابون أذكر بأني رأيتها بيد صغير لا أدري ما ذنبه و ما عليه من لوم
أنظر أمامك جيداً
فأنت اليوم تنظر إليهم و غداً ستكون مكانهم ميتاً مرمياً تحت الكوم
سلام عليك يا أرض تعشقها أمطار السماء
يا أمة تعشق تراب تمشي عليه بقلوبها من الصباح للمساء
تفديها بأرواحها و أجسادها بأفواه ما عادت تعرف طعم الخبز
وظلمة ليل كتبت على صفحات نهارها بغير كهرباء

عروس كل الأعين عليها أختار أهلها مهراً لها آلاف الشهداء

ليست هناك تعليقات: